Home » Blog » تعليم القراءة – علم وفن

تعليم القراءة – علم وفن

بقلم/ تيموثي راسينسكي

فن وعلم تعليم القراءة

إن كنت تهتم بتعليم القراءة، فقد تكون سمعت عن منهج يسمى “علم القراءة” والذي يشار إليه بالاختصار (SOR) أي Science of Reading. ويشير مؤيدو هذا المنهج إلى أن مكاسب تحصيل القراءة الرشيدة التي ظهرت في الولايات المتحدة على مدار العقود الثلاثة الماضية، هي نتاج لتدريس القراءة الذي لا يستند إلى أسس علمية.

لذلك فإن تبني العلم وفقاً لمؤيدي هذا المنهج، يؤدي إلى تحسن جوهري وملموس في إنجاز محو الأمية.

لقد وُجد منهج SOR منذ أن قام العلماء بدراسة تطوير القراءة والتعليم، إلا أن تقرير لوحة القراءة الوطنية – National Reading Panel (NRP) لعام 2000، كان علامة فارقة في حركة “علم القراءة”. حيث قام علماء محو الأمية وعلماء علم القراءة بالبحث العلمي المختص بالقراءة، وتحديد المهارات الأساسية المطلوبة لمنهج القراءة الفعالة والتي تتمثل في؛ الوعي الصوتي، والفهم، والصوتيات أو فك تشفير الكلمات والمفردات، وطلاقة القراءة اللاتي يشار إليهن بـ (التعرف التلقائي على الكلمات وعرضها).

لذلك فإن تعليم القراءة يمكن أن يُدَرَس ويُوَجه بواسطة العلم، ولكن شرح القراءة يعتبر فن أيضاً.

وقد دفع تقرير NRP كل من المعلمين، والمدارس، ومطوري المناهج، وصانعي السياسات، والناشرين، والقادة السياسيين إلى العمل على تضمين كل هذه العناصر في مناهج وبرامج القراءة الخاصة بهم. فعلى سبيل المثال، تبنت مبادرة القراءة التي أطلقها الرئيس الأمريكي بوش “القراءة أولاً”، النتائج المستخلصة من تقرير NRP وجعلته جزءً أساسياً من برنامجها. ولكن بعد التنفيذ بعدة سنوات، أشارت تحليلات مبادرة “القراءة أولاً” إلى أن نتائج القراءة لدى الطلاب لم تتغير بشكل كبير.

حتى بعد مرور 20 عاماً على تقرير NRP، ومع استخدام أغلب تعليمات القراءة في الولايات المتحدة مسترشدة بنتائج برنامج NRP على الأقل بشكل جزئي، فتم ملاحظة أن مستوى التحصيل في القراءة بالكاد يتزحزح عما كان عليه في عام 1992 للصفين الرابع والثامن اللذين يتم تقييمهم بانتظام من خلال التقييم الوطني للتقدم التعليمي.

لماذا لم نشهد التقدم الموعود بهذا التوجه نحو علم القراءة؟

يقترح بعض المؤيدين لمنهج “علم القراءة”، أن الصوتيات لا تُدَرس بشكل مباشر ومنهجية كما يجب أن تكون في التعليم المبكر، ويقترح مؤيدي “علم القراءة” أن الطلاب الأصغر سناً يحصلون على رسائل مدمجة عن فك شفرة الكلمات (والتي يتم تدريسها للأطفال للتحليل، وكذلك يتم تشجيعهم أيضا على التخمين باستخدام السياق). واقترحوا كذلك أن المدارس عادةً ما تتبنى نموذجاً مبسطاً للقراءة، والذي يركز فقط على فك تشفير الكلمات وفهمها.

في الواقع، إن المشكلة المطروحة تكون أكثر تعقيداً من نقص العلم الذي يوجه تعليم القراءة. وتعليم القراءة يمكن أن يُدَرَس ويُوَجه بواسطة العلم، ولكن شرح القراءة يعتبر فن أيضاً، بالطريقة نفسها التي تسترشد بها ممارسة الطب بالعلم، لكن ممارستها هي فن.

وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل مهنة المعلم أمراً صعباً، حيث يجب أن يكون المعلم الجيد عالماً وفناناً، وفي سعينا من أجل تأسيس تعليم القراءة على العلم، قمنا بإهمال الجوانب الفنية للتدريس كمجتمع كامل.

لذلك، فعندما يتم توجيه “تعليم القراءة” بشكل أساسي بالعلم، يمكن أن يتخذ التعليم بعض الأشكال الفردية؛ في حين يقضي الطلاب وقتاً كبيراً في قراءة الكلمات غير المنطقية في عزلة، والعمل على أن يصبحوا قراء سريعون فقط من أجل تحقيق بعض معايير الطلاقة العلمية، والسعي وراء النجاح في الاختبارات والتقييمات المطورة علمياً، فلا يوجد أي من هذه الأنشطة بمثابة القراءة الحقيقية. ونتيجة لذلك،. ينعزل الطلاب.

والمقصود من الحديث ليس الابتعاد عن النهج العلني لتعليم القراءة، ولكن يجب الحرص على تطبيق العلم ببراعة من أجل إنشاء تعليم فعال وجذاب. وهناك ثلاث خصائص تساعد في تحديد التعليمات الفنية وهي: الأصالة، والإبداع، والجمال حيث أن:

تعليم القراءة الأصلية؛ يجب أن تبدو وكأنها قراءة حقيقية بقدر الإمكان، وأن تتضمن قراءة الطلاب قراءة كلمات، ونصوص حقيقية لأغراض حقيقية. اذان الكلمات غير المنطقية ليست مناسبة، ولكن في نفس الوقت يجب استخدامها باقتصاد واستراتيجية.

تعليم القراءة الجمالية؛ يجب أن يهدف إلى لمس المشاعر، وذلك من خلال منح الطلاب الفرصة للحصول على أنواع الاستجابات العاطفية (الجمالية) التي تجذب البالغون في قراءتهم.

تعليم القراءة الإبداعي؛ يهدف إلى منح المعلمين الاختيار والوكالة في كيفية التدريس، وفي كثير من الأحيان يُطلب من المعلمين اتباع البرنامج النصي، وأيضاً يجب تشجيع الإبداع لدى الطلاب؛ حيث يظهرون فهمهم للنصوص. فأنت كمعلم يمكنك أن تطلب من الطلاب كتابة قصائدهم ورواياتهم التمثيلية كرد على النصوص، أو إنشاء أعمال فنية مرئية مستوحاة من النصوص التي قاموا بقراءتها.

وفي النهاية، عندما يتمكن المعلمون من تحقيق التوازن الصحيح بين العلم والفن في تعليم القراءة، سنقترب من تحقيق “القراءة للجميع”.

نقله إلى العربية/ ضحى حماده

المصادر:

[1]. learninga-z